(1)
صباح كالذي تنتظره كل يوم , صباح شتوي رائق و مُغو ٍ و هادئ , سيشتري "أحمد " الآن جريدته الأسبوعية المفضلة و لن يذهب إلى الكلية , سيضحي بالمحاضرة الأولى من أجل كوب شاي في "سيلانترو " ثم استمتاع بطئ بالحرية المختلسة كسيجارة في الهواء الطلق..
انشغل بمطالعة العناوين عند بائع الجرائد فلاحظ أن الذي مر جواره للتو هو "أدهم " , تعجّب كثيرا من أن يمر أدهم هكذا دون أن يسلم عليه كالعادة بود زائد و تزلف طيّب , فكر أنه لم يره ربما أو انشغل بالجرائد أو أي شيء , سلام أدهم لم يكن يعينه كثيرا , هو فقط كان لا يحب أن يشعر أنه فقد أحدا يهتم أن يصافحه بحرارة و يتودد إليه دون أسباب كافية , أحيانا يفكر أنه لا يستحق احتفاء أدهم المبالغ فيه , لكنه على كل حال يرى أنه مميز بشكل من الأشكال أكثر من أدهم العاري من المميزات الصغيرة , هكذا هي الدنيا , تمنح البعض و تسلب آخرين كما يعتقد , و كثيرا ما كان يشعر أنها سخية معه فيما يتعلق بصورته الشخصية لدى الآخرين..
فكر في "دينا " و رفع الموبايل إلى أذنه ينتظر بحة صوتها حين تكون مستيقظة للتو , كان في مزاج عالٍ و صحو , ولديه مبرر مبهم أن عليه الآن أن يستمتع للـ maximum , لكنه ذهنه الرائق اصطدم بصوت إغلاقها للخط , نظر إلى شاشة الموبايل الذي ألقى إليه بـ "busy" بشكل مزعج, فكر أنها ربما ضغطت على زر إلغاء المكالمة بطريق الخطأ , خاصة و أنها لا يمكن أن تكون مشغولة بأي شيء الآن , ثم أنه أخبرها ألف مرة أنه يفضل لو تركته يرنّ إلى النهاية من أن تغلق الخط في وجهه دون أسباب , كرر المحاولة , فأغلقت , كرر فأغلقت , لم يعد لديه أي شك أن هناك سبب قوي لذلك , حاول أن يسترجع أي شيء ربما يكون قد فعله و ضايقها , إلا أنه عندما تذكر أنهما بالأمس فقط كانا معا في الكلية و في أفضل حالاتهما انتابه استرخاء عميق أعاده إلى صباحه الرائق دون أدنى قلق , دينا مشغولة و ستتصل بي حين ينتهي الأمر لتخبرني أنها آسفة و تحكي لي كل شئ بالتفصيل ..
(2)
وصل إلى سيلانترو الشاغر صباحا , جلس في مكانه المفضل الذي لا يحظى به إلا في هذه الساعة , انتظر أن يأتيه "علي " كالعادة , النادل الودود الذي تعرف إليه منذ فترة و يرتاح إليه كثيرا , طيبٌ هو علي بشكل فاتح للشهية للبشر , لولا أنه فقط لا يتناسب مع المكان الفخم أوروبي الطابع بلهجته المشوبة بآثار ريفية قريبة و طريقته العشوائية في ارتداء اليونيفورم بالضبط كفلاح يرتدي البدلة الرسمية ..
وضع الجريدة و مرر عينه في المكان فلاحظ أن علي موجود , ربما لم يلاحظ دخوله ... فتح الجريدة و مرر عينيه على العناوين إلى أن أتى أحد الجرسونات و سجل طلبه و مضى , مرر عينيه على العناوين بسرعة ثم قرر قراءة القصة الطويلة التي في الصفحة الرابعة , أتاه الشاي و رأى "علي " يتحرك هنا و هناك مع زبائن آخرين , اندمج في قراءة القصة بهدوء , قليلا و عقد حاجبيه و توقف عن رشف الشاي بميكانيكية كما يفعل أثناء القراءة , دقيقة و ترك الجريدة و نظر حوله بذهول ... ما الذي يحدث بالضبط ..هل كان يقرأ منذ لحظة قصة طويلة أم يومياته الشخصية ؟!...القصة تحكي عن طالب بكلية الهندسة , يحب "دينا " و يكتب الشعر و تسرد كل ما يتعلق به و بها و بكل ما يدور برأسه إزاء كل شيء , أعاد قراءة القصة بهدوء , الأمر لا يتعلق فقط بسرد الأحداث , و إنما بما يدور في ذهنه هو .. القصة تبدو كأنها خرجت للتو من آلة طابعة وضع عليها رأسه , هز رأسه و كأنه يحاول أن يفكر في شيء آخر...
كيف ربما وصل الكاتب لهذه الدرجة من التطابق ؟ , القصة لا تذكر اسمه , فقط هو الراوي الذي لا يناديه أحد , لكن الباقين كلهم حاضرون بأسمائهم و بانطباعاته البسيطة حتى عنهم ..
أول ما خطر إلى ذهنه أن يتصل بـ "دينا " مرة أخرى , لن يخبرها بالتأكيد بموضوع الجريدة لكنه شعر الآن بالرغبة في العودة إلى السياق الطبيعي للأشياء , للمرة الرابعة أغلقت في وجهه الخط , شعر بالوحشة و أعاد قراءة القصة محاولا أن يجد ولو اختلافا طفيفا يسمح له بأن يشعر أن الأمر كله مصادفة سخيفة على الصبح , ثم انتبه فجأة !
دينا لا ترد , أدهم لم يسلم , و علي لم يهشّ له اليوم و يبادله المزاح..
أعاد قراءة المقطع المروي عن كل منهم بهدوء..
(3)
نصف من تعرفهم _على الأقل _لا يقرأون الجريدة , نصف من تعرفهم و يقرأون الجريدة لن يقرأوا القصة , نصف من تعرفهم و يقرأون الجريدة و قرأوا القصة لن ينتبهوا إلى ما تفكر فيه ...
هكذا حاول أن ينهي الأمر و يغلق باب التفكير في هذا الموضوع , لكن ذهنه لم يترك فكرة أن تكون دينا قد قرأت مثلا أنه في كل مرة لا يستطيع أن يبعد عن ذهنه فكرة أنها جميلة الجسد و أنه سعيد بذلك , أنه لا يحبها كما يحاول أن يصف و لكنه يشعر بالسعادة حين تكون معه , أنه حتى الآن لا يخطط للارتباط بها و ينتظر نصيبا آخر أو أن يحدث أي شيء , أما أدهم فسيكون سخيفا جدا أن يقرأ عن كل أفكاره السخيفة بشأن التميّز و مميزاته و الحديث عن تزلفه الحميم و سلامه المبالغ فيه , "علي " لا يتوقع رد فعله على الإطلاق , من المفترض أنه يعرف ذلك عن نفسه أو يتوقع أن يراه الآخرون فيه ..
في الكلية اليوم كان كل شيء طبيعيا ماعدا غياب "دينا " , عادي جدا , دينا تغيب كثيرا..
في طريقه إلى كافيتريا الكلية لاحظ أن "محمود " رآه ثم حوّل بصره إلى زميل آخر يحادثه , "خالد " ابتسم وهو يلوّح له من بعيد .....بشأن محمود كان يفكر دائما _ أو هذا ما رود القصة ..لا فرق الآن _ أنه شخص مهووس بفكرة أنه مثقف و قارئ جيد و عليم ببواطن الأمور التي تخفى على عامة الشعب , أما خالد فعلاقته دائما لم تكن تسمح بتلويحة هكذا من بعيد , اقترب من خالد المستند إلى جوار مدخل الكافيتريا , "إزيك يا خالد ؟ " ..." إيه ياعم اللي مكتوب عنك ده " .."فين ؟" "أهو ! "..
لم يكن يعرف ما هو التصرف الطبيعي إزاء موقف كهذا , و لكنه يعرف أن خالد شخص صريح و وقح و ليس لديه أي مشاكل تجاه أي شيء , ضحك أحمد ثم قال : ياعم خالد دي قصة , ضحك "خالد" بصوت أعلى ثم قال : بس إنت بدّعت و ربنا !.."بدّعت؟ ".."و بتقول عني إني شخص وقح و (و لكن تعجبني حريته ) ..ماشي يا عم...تشكر " " يا خالد دي قصة " ..لاحظ أنه يكررها للمرة الثانية لكن "خالد " انشغل بمتابعة إحداهن تسير بالقرب فلم تكن هناك فرصة أفضل للفرار ..
ناداه "خالد" و هو يضحك بشكل فظ فلم يرد , قرر أن يتجاهل الموضوع كله , الأمر كله عبارة عن نكتة سمجة عليه أن ينساها دون أن يفكر في تفسيرات أو نتائج...
(4)
"يا دينا دي قصة ! "..." بعد إذنك ما تكلمنيش تاني " "طيب يا دينا إنتي ليه متأكدة إن الكلام ده حقيقي ؟! " " قلتلك بعد إذنك بلاش نفتح الموضوع ده و متكلمنيش تاني " " يا دينا طيب قو... " تيييييييييت ...
رائع !
الآن دينا و بالأمس أدهم أخبره بوضوح :
"بص يا أحمد , انا بجد كنت بسلم عليك عشان بحبك , معرفش ليه كنت حاسس إنك شخص محترم قوي و كان نفسي أتصاحب عليك و نبقى إخوات يعني....إنت شخص مميز فعلا بس مش من حقك أبدا إنك تقول عليا كده "....لم يتفوّه أحمد بشيء , كانا واقفين في وسط الكلية , فقط تركه يتحدث للنهاية دون أي إعتذارات أو تبريرات , ثم مضى أدهم وتركه ثابتا في مكانه بوجه خاوٍ , لم يكن ينقصه في النهاية إلا أن يذهب إلى سيلانترو , كأنه يريد أن يحدث كل شيء في نفس الوقت فينتهي الأمر و يستيقظ في تاليه بلا ذاكرة عن أي شئ , لأنه لايفهم أي شيء ولا لديه أدنى فكرة عن أي شئ ..
"علي " قابله بوجه بارد حين دخل مسرعا ففوجئا ببعضهما أمام بعض , و تجنب بعد ذلك أن يمر بالقرب منه , حسنا يا علي , لا جديد...
حينما عاد إلى البيت وجد رسالة على الموبايل من "بهاء" صديقه الأنتيم , الرسالة إحتوت على تعبير بذئ واحد من مقطعين , الثاني هو "أمك " , كانت القصة قد روت أنه يكره رائحة عرق بهاء و أن بهاء حشّاش يستمتع بملامسة أجساد البنات في زحمة الخروج من السينما و أن رأسه خاوية بلا أي قيمة في الوجود سوى أنها تصلح لـصديق جيد و تافه يصلح للصداقة الدائمة , تذكر أنها ذكرت أيضا أنه شهم و قوي و صادق لا يكذب مطلقا , لكن بهاء على كل حال أحمق للدرجة التي يشعر فيها بالإهانة...
تأمّل أمه بتمعن و هي تضع الغداء , لم يبد عليها أنها قرأت شيئا .."مالك يا أحمد ؟! " .."مفيش يا ماما "...فكر ماذا كان سيحدث لو قرأت أمه ما ورد عنها في القصة...
(5)
ما هو التفسير الواضح لكل ما يحدث ؟
عم جمال البقال عرف أنه كان ينظر إلى جسد إبنته الجامعية من وراء الشيش حين تقف في البلكونة المقابلة, أيضا جارهم أستاذ فوزي عرف أنه يراه شخصا تافها و بلا أي معنى , لأنه لم يدافع عن زوجته التي تشاجرت مع عم جمال في الشارع فترك السباب و التراشق و صعد إلى بيته بهدوء..
دكتور " سالم " , أستاذ الإتصالات , هو الأخر لم يرد عليه حين ذهب إلى مكتبه الأسبوع الماضي لتسليم الشيتات , فقط تناولها منه و ناوله نظرة قوية , د.سالم هو شخص متسلط و إنتهازي و ضبطه أكثر من مرة يتودد إلى جميلات الدفعة بإكرامهم في الدرجات و الغياب..ببساطة..كل ذلك رود في القصة ...
كان يخمن يوميا و بكل ثقة و على مدار الأسبوع من قرأ القصة ومن لم تصله الأنباء بعد, كان يعرف من قرأوا القصة على الفور, و لذلك كان في طريقه إلى مقر الجريدة بالمهندسين , لم يعد هناك ما يمكن فعله سوى ذلك , صعد إلى الشقة الواسعة النظيفة و السكرتيرة كثيفة المكياج , شعر بالقلق من أن ينظر إلى صدرها البارز فيجد ذلك في العدد القادم خاصة و أنه في مقر أو "كهف الأسرار" , طلب أن يقابل المسئول عن الصفحة الثقافية و جلس يفكر في طريقته في التفكير في الأيام الأخيرة التي تشبه أن تفكر و عقلك مزروع بالأسلاك المؤدية إلى شاشة في ميدان التحرير تنقل الأحداث ثانية بثانية مباشرة من تلافيفك , لم يكن مسئول الصفحة موجودا , كان يريد أن يعرف كيف يمكن مقابلة الشاعر " فهمي النادي " كاتب القصة , أخبر السكرتيرة بذلك فأخبرته و هو يحاول قدر الإمكان أن يتجنب النظر إلى صدرها : "حتلاقيه على قهوة زهرة البستان...آه...كلهم بيقعدوا هناك " , لم تكن جميلة , لكنه شعر أنها ودودة في ملابسات وضعته تحت توصيف "الكلب الأجرب ", شكرها ثم خمّن أن عدة زيارات لزهرة البستان ستمنحه الفرصة في العثور على الرجل , و بالفعل , في المرة الثانية أشار له صبي القهوة بمجرد سماع الإسم إلى رجل في منتصف العمر يجلس في وسط مجموعة صغيرة و يعطيهم ظهره , اقترب بوجل ثم قال في هدوء وهو يميل قليلا : " أستاذ فهمي النادي ؟ "..إلتفت إليه الرجل ثم أشار إلى مائدة شاغرة قريبة : أيوه...إزيك يا "أحمد "...أقعد ثواني بس و أكون معاك ", تجمد أحمد لحظة محاولا أن يفهم ...
ثم تحرك في النهاية و سحب كرسيا و جلس بهدوء , حسنا ! , جلس يتأمل الرجل الذي عاد بكل بساطة إلى محدثيه و هو يرشف بسرعة من الشاي الذي أمامه , قليلا ثم سلم عليهم و أتى إليه : "إزيك يا أحمد ..عامل إيه..قريت القصة ؟ "..." حضرتك أنا مش عارف إزاي عرفت ده كل عني و إزاي أصلا تكتب حاجة زي كده ؟.." " إيه المشكلة يا أحمد " " المشكلة إني تقريبا إتفضحت ! " " بص يا أحمد...مش اللي مكتوب في القصة ده حقيقي ؟ " " أيوه حقيقي بس .." "يبقى خلاص!...الحقيقة دي شئ مهم جدا ...إيه قيمة إنك تعيش بشيء تاني غير الحقيقي اللي جواك " " أيوه بس أنا كده بـ..." "إنت المفروض تشكرني على فكرة ..أنا حررتك بشكل أو بأخر...دلوقتي حتقدر تتعامل مع الناس بلا مواربة و بوجهك الحقيقي " كانت كلمات الشاعر الفصحى طبيعية جدا و قالها ببساطة كأنه ينصح إبنه نصيحة بسيطة قبل مسلسل القناة الثانية , " بس الحقيقة دي خربت بيت أمي ! " كان يود أن يضيف أن عملية تحريره لا تخصه من قريب ولا بعيد , لكن "فهمي "نظر إليه بتعبير ناصح ثم قال : "اللي حيحب يتعامل معاك بأفكارك الحقيقية كان بها , اللي زعل من أفكار أكيد بترد على أذهان كل الناس عن كل الناس يبقى شخص زائف لا يستحق أصلا إنك تزعل عليه يا أحمد ! " بدا لأحمد أنه ليس هناك أي نتيجة منطقية لما يحدث الآن , لم يقل شيئا , قام فجأة و مضى وهو يكبت رغبة عميقة في روحه أن يسبه بأقذع ما سمعه من السباب ليكمل مسيرة التحرر العظيمة التي أسس لها في قصته..
(6)
أسبوعين الآن , و لا "دينا " أو "بهاء" أو "أدهم " أو أي أحد.., أحيانا كان يفكر في كلام "فهمي "..لم مثلا لا يسامحوه ؟ , لم لا يتوقعون أن الجميع يفكر في أشياء كهذي...الوحيد الذي لم يتغير هو "خالد "..صار صديقه الوحيد بالكلية , يقول "خالد " :
ياعم الحاج صلي على النبي ما تقلبهاش غم , طز, ما أنت ما كنتش بتحب البت أصلا ولا يعني أدهم الملزّق ده يخصك في حاجة , هو صحيح عيب عليك تشتم صاحبك الأنتيخ , بس أهو بقى , غلطت , حيدبحوك يعني..ياخي "** أم " الناس...عيش حياتك , قول أنا كده و اللي مش عاجبه يشرب مـ البحر..
نظر إلى "خالد" في سكينة , شعر أنه يحتقره , لكنه الآن هو الوحيد الذي يمكن وصفه بالنبيل , فرغم كل ما قرأه عن نفسه في القصة لا يزال يعامله بشكل طبيعي ,..
"صحيح يا أحمد إنت بتحب قوي تبص على داليا زميلتنا في السكشن ؟! ..و إلا حكاية دكتور سالم دي , مع إن الناس عارفاها بس شديدة الحكاية دي ..و يا سيدي عليك و إنت بتقول إن "علي " على طول عايش في الدور و مش وراه غير العربيات و الفشخرة بعربيته الجديدة..باشا وربنا " , ابتسم و خالد يتحدث كأنه هو كاتب القصة أو الفاعل الذي أدى دوره طواعية , تابع الجريدة في أعدادها التالية , لا يزال الكاتب يتحدث عن أشخاص آخرين...لا يعرفهم و لكنهم لابد الآن يمرون بكل ما يمر به , ما جدوى ما يفعله هذا الشاعر حقا ! , ما الذي يدفعه لكتابة كل هذا ؟.. تمنى لو كتب في الأسابيع القادمة عن كل الذين يعرفهم ليتساووا جميعا و ينتهي الأمر..
(7)
لم يكن يعرف تحديدا ماذا سيفيد ذلك , لكن "فهمي " اندهش كثيرا , "يا أستاذ فهمي أنا مش طالب كتير...مجرد قصة تانية ! " " بس ده مش حقيقي يا أحمد..مش معقول يا أحمد ! "..لم يساومه فقط طلب منه طلبٌ شخصي يهمه كثيرا ..." أرجوك...أنا إنسان , من حقي أطلب مطالب تافهة " دمعت عينا الشاعر , و مد أنامله يمسحها بسرعة قبل أن تجاوز عينيه , أومأ لأحمد في هدوء , فانتشى الأخير و طلب إتنين شاي ...
(8)
في الأسبوع التالي كانت القصة في نفس الجريدة الأسبوعية عن " أحمد " , الذي يقوم ببطولة أسطورية تسرد القصة أحداثها بشكل محكم ..ابتسم "أحمد " بسعادة بالغة وهو يقرأ عن بطولته المطلقة , يرشف الشاي في استمتاع بجوار الواجهة الزجاجية في سيلانترو و يبتسم للفراغ ..
, طلب الحساب ثم طلب "فهمي النادي "على الموبايل , شكره بحماس و أخبره أنه سيمر عليه في "زهرة البستان " بينما "علي " يضع له الشيك دون أن ينظر إليه...
في اليوم التالي كان يجلس بجوار "خالد " منتشيا , طلب "دينا " فأغلقت الخط في وجهه , أشاح عنه أدهم من بعيد و مرّ "محمود " دون أن يسلّم عليه , كان مبتهجا و سلسا , و ظل لبقية اليوم ينظر في الجريدة بين حين و أخر ثم يبتسم في سعادة..